| نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم | |
|
+2Cholo Boy (*_*)المعاقب(*_*) 6 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
(*_*)المعاقب(*_*) @ المدير(The Punisher) العام @
عدد الرسائل : 835 العمر : 29 الموقع : ما بخبركم العمل/الترفيه : الكوم المزاج : الملك دوماً ااوسمة : تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الخميس مايو 15, 2008 4:16 am | |
| يبلغ الوعظ الديني ذروته في شهر رمضان، وقد مر نصفه الأول، وبدأ نصفه الثاني. وهو وقت مراجعة النفس والفكر وتقديم الحساب. ما الذي جنيناه على مستوى الوعي الديني وهو أساساً الوعي بالحياة وبالواقع وبالتاريخ؟ ما الجديد بالنسبة لما قيل في الأعوام الماضية، وربما ما سيقال في الأعوام القادمة؟ أليست مجرد خطب ووصايا ومواعظ نمطية "رمضانية" عن فائدة الصيام وأركانه والتي تمتلئ بها أيضاً صفحات الفكر الديني وأجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، والتي يعرفها الأطفال والتلاميذ في المدارس والأبناء في المنازل؟ هل يؤدي الوعظ الديني وظيفته أم أنه أصبح حرفة يتكسَّب بها الوعاظ والدعاة؟
الوعظ الديني نشاط ذهني ونفسي على مستوى الكلام وليس الفعل، باللسان وليس باليد. في حين أن الفعل يتطلب السكوت "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان". وكتب الفقهاء مثل ابن أبي الدنيا عن آفة الكلام وفضيلة الصمت. والصمت عند بعض الصوفية لغة أبلغ من الكلام. غايته التأثير في السامعين واستجداء استحسانهم وتصفيقهم وتهليلهم وتكبيرهم. يقوم الخطاب الوعظي على جماليات اللغة وفنون الإلقاء وكل صنوف المُحسِّنات البديعية خاصة التشبيهات والمجازات والاستعارات وضرب الأمثال. هو عالم مستقل بذاته لا يشير إلى عالم آخر خارج نطاق اللغة وسحرها وبلاغتها، في ثقافة الشعر قلبها، والقرآن مركزها إلى درجة اتهام بعض المستشرقين لها بأنها ثقافة صوتية مع أن فنون السمع أقرب إلى القلب وأعمق وأكثر قدرة على التعبير عند هيجل من فنون الصورة والشكل.
وهو خطاب مناسبات في الأعياد والموالد، وفي المآتم والأفراح على المقابر وأمام العروسين في عقد القران. وقد استمعنا إلى كثير منه على موائد الإفطار الرسمية في رمضان التي تقيمها المؤسسات والهيئات من كبار الدعاة ورؤساء الطوائف بملابسهم الرسمية وألوانها الزاهية وكأننا في سوق عكاظ ومهرجانات الشعر والخطابة.
أصبح الوعظ الديني حرفة لها رجالها وخطباؤها ومدارسها ومعاهدها الرسمية والأهلية. الوعظ صناعة بتعبير القدماء. تخصص فيها مشايخ الفضاء بملابسهم الفضفاضة البيضاء، وذقونهم الطويلة السوداء، وملامح الوجه المليح، والعيون التي يشع منها بريق الإيمان، والشباب الصبوح القادر على سحر النساء، والدخول إلى القلب مباشرة عن طريق الإيمان الذي يحتاج إليه الناس بعد أن تم بيع كل شيء والتجارة بكل شيء. وأصبحت القلوب فارغة من أي ولاء، والنفوس شاغرة من أي مبدأ أو قضية. وفي ذلك ينافس مشايخ الفضاء نجوم الفن وأساطين الغناء. كلاهما طرب، طرب القلوب في الوعظ الديني وطرب النفوس في الفن والغناء. وتحولت شخصية الواعظ إلى شخصية رئيسية في الأعمال الدرامية، في الرواية والقصة والمسرح والسينما مثل مشاهير النجوم (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).
والوعظ المرئي قد يصبح جزءاً من فن التمثيل والإلقاء بالإضافة إلى الأزياء والماكياج. هناك الأضواء والأصوات والأثاث وكل عناصر الإخراج في العمل الفني حتى يصبح الوعظ فناً متكاملاً من المقدمة الموسيقية أو التلاوة القرآنية الأولى حتى الابتهالات والدعوات والصلوات والبكائيات الأخيرة. وتضاف إلى فنون الإخراج فنون التمثيل ولغة الجسد والحركة، وهز الكتفين، ورفع الحاجبين، وطريقة الجلوس على كرسي الوعظ المرتفع، والمستمعون أمامه يستحسنون الإلقاء، وكأنه لا فرق بين المغني والواعظ. كلاهما منشد أو بالتعبير الشعبي "صيِّيت"!
وحضور حلقات الاستماع شرف كبير للمُستمعين. يتهافت عليها الصغار والكبار، الرجال والنساء ليستمعوا إلى الوعظ الجديد، وليظهروا في التليفزيون. يبحث الناس عن بطل بعد أن عزَّ الأبطال بانقضاء الستينيات. يبحثون لاشعورياً عن "شجيع" و"فتوة". ويتوقون إلى مخلص ولو بالنبوت كما صور نجيب محفوظ في "ملحمة الحرافيش". الناس في حاجة إلى زعيم وقائد لا يجدُونه في الواقع فيوجدونه في الخيال. يغيب في الحياة فيحضِرونه في الوعظ الديني. تتوق الأمة إلى من يأخذ بيدها، يهديها ويرشدها إلى الطريق المستقيم، وينقذها مما هي فيه من آلام ومآسٍ وأحزان. ويحميها مما تنتظره من كوارث ومصائب تمسُّ لقمة العيش.
والمستمع ابن وقته مثل الصوفي. يعيش لحظته لينسى الزمان الممتد العريض قبل لحظة الوعظ وبعدها. أتى إلى الوعظ ليفرج همَّه ويخفف كربه ويستريح نفسياً. ثم يغادر الوعظ ليشحن من جديد بمنغِّصات الحياة والصراع من أجل البقاء وإشباع الحاجات الأساسية وتوفيرها للزوجة والأولاد، وللآباء والأمهات، وللإخوة والأخوات الذين يعولهم. يجد في الوعظ خلاصاً وقتياً، وسعادة لحظية وراحة مؤقتة عن الهم الدائم والشقاء المستمر. لا يهمه موضوع الوعظ بل الوعظ نفسه، جماله ولغته وأسلوبه وصوته وخيالاته وأوهامه. يهمه الشكل دون المضمون. يعجب بالواعظ بشخصه بصرف النظر عن وعظه. جماله وصوته وملامح وجهه وإشراقه يكفيه حتى ولو نطق كفراً. المستمع يتوق إلى مهارة وسحر وإبداع وتفوق وعبقرية وخيال يجده في الواعظ الذي يُشبع فيه حاجاته النفسية التي لم يشبعها فيه المجتمع ولم توفرها له الدولة. أصبح الوعظ أقوى مؤسسة دينية تنافس جميع مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان والطفل والشيخ والمريض والمعتقل السياسي.
يبدو الوعظ أحياناً كثيرة أقرب إلى الخداع منه إلى الصدق. يقول ما لا يفعل. ويفعل ما لا يقول، (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)، يسحر الناس بالكلام مثل الحقنة المخدرة دون أن يساهم في يقظة الوعي بالذات وبالعالم. يجتزئ الآية عن سياقها وعن مجموع الآيات كلها. يدعو إلى الإيمان دون العقل، وإلى الرضا دون الغضب. يذكر أن الله يحب المتقين والمقسطين، ويكتم أن الله لا يحب المعتدين والظالمين والخائنين والمختالين. يتناول العدل دون الظلم، والغنى دون الفقر، والسعادة دون الشقاء. يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض آخر. يستعمل الآية خارج أسباب النزول حتى يعلم الناس كيف غيرت الآية واقع الناس، وأن وظيفتها في التغيير الاجتماعي وليس فقط مجرد السماع. يستعملها خارج الناسخ والمنسوخ، وهو ما يبين تغير الأحكام الشرعية بتغير الزمان. لا يختار إلا الكلام الآمن عن المحبة والسلام دون الكلام الخطر، مع أن الله يحب ويكره، والأمة تسالم من يسالمها، وتعادي من يعاديها (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)، والغير يعتدي كل يوم في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير. والقرآن يتحدث عن الوسط (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، كما يتحدث عن الصراع (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ).
الوعظ من أخطر أنواع الخطاب الديني على حياة الناس. يساهم في الاغتراب عن العالم، والخروج منه، والوقوع في دائرة القلق خاصة لو كان الموضوع المعاد والأخرويات وما يحدث للإنسان بعد الموت ابتداء من عذاب القبر ونعيمه حتى عذاب النار ونعيم الجنة مروراً بالحشر والصراط والميزان والحوض والشفاعة.
وقد يساهم الوعظ أيضاً في تزييف الوعي. ويقوم بنفس الدور الذي يقوم به الخطاب السياسي للحزب الحاكم في إعطاء الوعود والإيهام بالحلول. يوهم الوعظ بأن المشكلة في النفس وليست في الواقع، في تربية المواطن وليست في الأوضاع الاجتماعية، في الأخلاق وليست في السياسة. والحل في الكلام وليس في الفعل، في الفرد وليس في المجتمع، في الإعلام وليس في الشارع، بكثرة الدعاة والوعاظ وليس بالطلائع الثورية للعمال والفلاحين والمثقفين. هناك فرق بين التخدير واليقظة، بين المسرح والحياة، بين الجلوس أمام الشاشة الضوئية والمشاركة في إضراب العمال في المصانع، بين الرضا عن النفس والغضب من الزمان. | |
|
| |
Cholo Boy مشرف الرياضي الفرعي
عدد الرسائل : 331 العمر : 28 الموقع : http://www.barca4ever.com/ العمل/الترفيه : كرة القدم المزاج : حماس ااوسمة : تاريخ التسجيل : 10/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأربعاء مايو 21, 2008 1:43 pm | |
| | |
|
| |
AL-RASBI ô¤*~مـــــديــــــر المنتدى~*¤ô
عدد الرسائل : 113 العمر : 29 ااوسمة : تاريخ التسجيل : 06/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأربعاء مايو 21, 2008 4:26 pm | |
| | |
|
| |
(*_*)المعاقب(*_*) @ المدير(The Punisher) العام @
عدد الرسائل : 835 العمر : 29 الموقع : ما بخبركم العمل/الترفيه : الكوم المزاج : الملك دوماً ااوسمة : تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأربعاء مايو 21, 2008 5:54 pm | |
| | |
|
| |
Cholo Boy مشرف الرياضي الفرعي
عدد الرسائل : 331 العمر : 28 الموقع : http://www.barca4ever.com/ العمل/الترفيه : كرة القدم المزاج : حماس ااوسمة : تاريخ التسجيل : 10/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأربعاء مايو 21, 2008 6:33 pm | |
| | |
|
| |
(*_*)المعاقب(*_*) @ المدير(The Punisher) العام @
عدد الرسائل : 835 العمر : 29 الموقع : ما بخبركم العمل/الترفيه : الكوم المزاج : الملك دوماً ااوسمة : تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأربعاء مايو 21, 2008 8:20 pm | |
| لا عجب بنات فكر يا جولو إحنا أولاد من الشباب | |
|
| |
m.s.h.a.o ô¤*~مـــــديــــــر المنتدى~*¤ô
عدد الرسائل : 167 ااوسمة : تاريخ التسجيل : 07/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الثلاثاء مايو 27, 2008 2:57 am | |
| | |
|
| |
(*_*)المعاقب(*_*) @ المدير(The Punisher) العام @
عدد الرسائل : 835 العمر : 29 الموقع : ما بخبركم العمل/الترفيه : الكوم المزاج : الملك دوماً ااوسمة : تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الثلاثاء مايو 27, 2008 7:02 pm | |
| العفو والرحمة | |
|
| |
Cholo Boy مشرف الرياضي الفرعي
عدد الرسائل : 331 العمر : 28 الموقع : http://www.barca4ever.com/ العمل/الترفيه : كرة القدم المزاج : حماس ااوسمة : تاريخ التسجيل : 10/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم السبت مايو 31, 2008 2:59 pm | |
| | |
|
| |
(*_*)المعاقب(*_*) @ المدير(The Punisher) العام @
عدد الرسائل : 835 العمر : 29 الموقع : ما بخبركم العمل/الترفيه : الكوم المزاج : الملك دوماً ااوسمة : تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الخميس يونيو 05, 2008 4:50 pm | |
| العفو جولو صدق الصادق في قوله واحد يريد يكثر النقاط بطريقة الشكر المتعددة؟؟ جولو قول ما كذاك إنت | |
|
| |
9999 أمير المنتدى
عدد الرسائل : 241 العمر : 103 الموقع : /7-12.yoo7.com/ العمل/الترفيه : gt المزاج : gt تاريخ التسجيل : 08/06/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأحد يونيو 08, 2008 2:24 pm | |
| جميل جداصراحة تشكر على هذا المضوع وفعلا بدأت احس ان مستواك اكبر من طالب مدرسة اظف لنا مثل هذي المواضيع الطيبة | |
|
| |
(*_*)المعاقب(*_*) @ المدير(The Punisher) العام @
عدد الرسائل : 835 العمر : 29 الموقع : ما بخبركم العمل/الترفيه : الكوم المزاج : الملك دوماً ااوسمة : تاريخ التسجيل : 08/04/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الأحد يونيو 08, 2008 7:13 pm | |
| - 9999 كتب:
- جميل جداصراحة تشكر على هذا المضوع
وفعلا بدأت احس ان مستواك اكبر من طالب مدرسة اظف لنا مثل هذي المواضيع الطيبة - 9999 كتب:
- المضوع
بس أخوي التاسع وأخراه ما عرفناك من كلمتك ( المضوع) ممكن تقولي مقصودها | |
|
| |
حماس ^_* العضو الذهبي *_^
عدد الرسائل : 481 العمر : 30 الموقع : google.com العمل/الترفيه : lمنتزق المزاج : جوعان تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: رد: نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم الجمعة يوليو 04, 2008 7:10 pm | |
| | |
|
| |
| نقد الوعظ الديني...والاغتراب عن العالم | |
|